لماذا تضيء اليَرَاعات؟



يشرح مارك برنهام (Marc Branham) الأستاذ المساعد في قسم عِلم الحشرات، وقسم عِلم المَمْسُودات في جامعة فلوريدا ذلك بما يلي:

تتميز اليَرَاعات بإنتاجها لتفاعل كيميائي داخل أجسامها يسمح لها بالوميض، يدعى هذا النوع من الإنتاج الضوئي بالتَلأْلُؤ الحيوي (bioluminescence)، ومن الممكن اعتبار الطريقة التي تنتج بها اليَرَاعات الضوء من أفضل الطرق المعروفة في التَلأْلُؤ الحيوي؛ حيث تنتج الإضاءة عندما يتحد الأكسجين مع الكالسيوم مع أدينوسين ثلاثي الفوسفات (adenosine triphosphate (ATP)) مع المادّة الكيميائية المسمّاة باللوسيفرين (luciferin) بوجود إنزيم التلألؤ الحيوي اللوسيفريز (luciferase).

وعلى العكس من المصباح الكهربائي الذي ينتج الكثير من الحرارة إضافةً للضوء؛ فإن ضوء اليَرَاعة ضوء بارد، يجنبها خسارة الكثير من الطاقة على شكل حرارة، وهو أمر لا بُدّ منْه في اليَرَاعة، فمن الممكن أن تفقد اليَرَاعة حياتها في هذه التجربة إذا ارتفعت درجة حرارة العضو المسؤول عن انتاج الضوء فيها لدرجةٍ مشابهةٍ لما يحدث في المصباح الكهربائي.

تتحكم اليَرَاعة ببدء التفاعل الكيميائي وانتهاءه، وهذا التفاعل هو المسؤول عن حدوث الانبعاث الضوئي وتوقفه من خلال إضافة الأكسجين إلى المواد الكيميائية الأخرى اللازمة لإنتاج الضوء. تحدث هذه العملية في العضو المسؤول عن إنتاج الضوء في الحشرة، فعندما يكون الأكسجين متوفرًا يومض العضو الضوئي، وعندما ينعدم الأكسجين ينطفئ هذا الوميض.

لا تمتلك هذه الحشرات رئتين؛ لذلك تنقل الأكسجين من خارج جسمها إلى الخلايا الداخلية من خلال سلسلة معقدة من الأنابيب الصغيرة المتتابعة التي تعرف بالقصيبات الهوائية (tracheoles).

لقد بقيت الكيفية التي تدير فيها بعض أنواع اليَرَاعات لشيء يمتاز بمعدل وميض عالي - بالنظر للسرعة البطيئة نسبيًا للعضلات التي تتحكم بنقل الأكسجين - لغزًا كبيرًا لوقت طويل. وقد عَلِمَ الباحثون في الآونة الأخيرة أن غاز أكسيد النتريك (nitric oxide) يلعب دورًا حاسمًا في التحكم في وميض اليَرَاعة.

باختصار: عندما ينطفئ وميض اليَرَاعة، لا يحدث إنتاج لأكسيد النيتريك؛ في هذه الحالة فإن الأكسجين الذي يدخل إلى عضو إنتاج الضوء يرتبط، أو يعلق بسطح عُضَيَّات خلايا إنتاج الضوء التي تسمى بالمايتوكوندريا؛ لذا فهو غير قادر على مواصلة انتقاله داخل العضو الضوئي. بينما يسمح وجود أكسيد النيتريك (الذي يرتبط بالمايتوكوندريا) للأكسجين بالتدفق إلى عضو إنتاج الضوء حيث يتحد مع المركبات الكيميائية الأخرى اللازمة لإنتاج تفاعل التلألؤ الحيوي، وعندما يتوقف إنتاج المواد الكيميائية، ونتيجةً لسرعة تحلل أكسيد النتريك؛ فإن جزيئات الأكسجين تعلق بالمايتكوندريا ثانيةً، وتصبح غير متاحة لإنتاج الوميض مرة أخرى.

تُومض اليَرَعات لأسبابٍ مختلفةٍ، فاليَرَقات مثلاً تنتج توهجًا قصيرًا ويكون نشاطها ليليًّا في المقام الأول رغم أن العديد من أنواعها تكون تحت الأرض، أو شبه مائية. كما تنتج اليَرَاعات الستيرويدات الدفاعية في أجسامها؛ مما يجعلها غير مستساغةٍ للحيوانات المفترسة، وتستخدم اليَرَقات توهجها كعلامةٍ تنذر بالخطر، أومحذرةً من رداءة طعمها.

وكحشراتٍ بالغةٍ تستخدم العديد من اليَرَاعات أنماطًا فريدةً من التلألؤ الخاص بنوعها، وتستخدم هذه الأنماط لتحديد الأفراد الأخرين ضمن نوعها وكذلك للتمييز بين أفراد الجنس الآخر، كما تتسم يَرَاعات بعض الأنواع بعدم التلألؤ على الإطلاق؛ فتستخدم الفيرمونات لتحديد أماكن أقرانها.

إعداد : مريم جمال.
تدقيق لغوي : يحيى محمد يحيى.
تصميم: حارثة الواكي.

#الفريق_العلمي

#الباحثون_المسلمون

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

10 مواقع بسيطة لتعليم الأطفال البرمجة

سحب كميات من البذور المخزنة في قبو “يوم القيامة”

كُلُّ عِزٍّ لَمْ يُؤَيَّدْ بِعِلْمٍ؛ فَإِلَى ذُلٍّ مَا يَصِيرُ

التشدّق والتكلف في الكلام مواقفُ و طرائف