طريقة جديدة لقياس كتلة المجرات!
طريقة جديدة لقياس كتلة المجرات!
استنادّا لدارسة قام بها فريق علمي بقيادة ((Ekta Patel في جامعة أريزونا، فقد تمّ تطوير طريقة جديدة لتحديد كتلة المجرات، وتتميز هذه الطريقة بموثوقية عالية خاصة عند استخدامها مع بيانات كبيرة تمّ الحصول عليها من قِبل عمليات الرصد الحالية والمستقبلية.
كانت هذه الدراسة التي نُشرت في مجلة الفيزياء الفلكية، هي أول دراسة تضم أرصاد ثلاثية أبعاد من عدة أقمار صناعية خاصة لدراسةمجرة درب التبانة بالإضافة إلى عمليات محاكاة حاسوبية وذلك لتحديد دقيق لكتلة مجرتنا الأم.
يلعب تحديد كتلة المجرات دور هام في حل اللغز الكبير حول بنية الكون، وفقًا للنماذج الحالية لتحديد كتلة المجرات فإنّ كتلة المجرات تنقسم إلى قسمين :
- المادة المرئية: وتُشكل حوالي 15% من كتلة المجرات وتتكون من النجوم والغاز والغبار.
- المادة المظلمة: وهذه تُشكل الـ 85% المتبقية من كتلة المجرات وتتألف من مكونات لم يستطع أحد رصدها من قبل وتحديد خصائصها الفيزيائية، وتُشكل هذه المادة المظلمة هالة شكلها غير معروف تحيط بالمجرة وتحتوي على القليل من النجوم.
كيف تتشكل المجرات والمجرات التابعة ؟!
وفقًا للنموذج الحالي المقبول فإنّ المادة المظلمة تُشكل خيوط تمتد عبر الكون وتكون مضاءة بتجمع المادة العادية (من الغاز والغبار) حولها عندما تتقاطع هذه الخيوط لتشكل المجرات، وعبر مليارات من السنوات تندمج المجرات الصغيرة معًا التي تكونت من هذه العملية لِتُشكل مجرات كبيرة والتي تقوم بدورها بجذب المزيد من المجرات الصغيرة حولها لِتكوِّن مجرات تابعة (قمرية) لها تدور حول هذه المجرة المركزية.
تُحدد المجرة (المضيفة) دوران هذه المجرات التابعة لها، بشكل شبيه جدًا للكيفية التي تُحدد بها جاذبية الشمس حركة الأجسام في النظام الشمسي حول الشمس.
تقول باتيل، وهي طالبة دراسات عليا في السنة الرابعة في قسم علم الفلك ومرصد Steward في جامعة UA: "نحن نعلم الآن أنّ الكون يتوسع، ولكن عندما تقترب مجرتان كفاية من بعضهما، فإنّ تأثيرها المتبادل على بعضهما البعض يفوق تأثير توسع الكون، لذلك فإنهما يبدآن بالدوران حول مركز مشترك بينهما، مثل مجرتنا درب التبانة وأقرب مجرة لنا أندروميدا"
تقترب مجرة أندرميدا من مجرة درب التبانة بسرعة 110 كم بالثانية، ولكن لن تندمج هاتين المجرتين قبل مرور 4.5 مليار سنة من الآن، وتُشبّه باتيل مراقبتنا لاقتراب مجرة أندروميدا منّا بمراقبتنا لنمو شعرة إنسان لتصل إلى القمر!!!
كيف نقوم بوزن المجرات
نظرًا لاستحالة قياس كتلة مجرتنا (درب التبانة) عبر وضعها على ميزان، فقد كان على الراصدين تقدير كتلة مجرتنا عبر دراسة حركة الأجسام السماوية في حركتها الراقصة حول مجرتنا الأم وذلك بتأثير سحب الجاذبية لها.
هناك أجسام تُدعى بأجسام التتبع وذلك لأنها تتبع توزع كتلة مجرتها الأم والتي قد تكون مجرات تابعة أو تيار من النجوم نشأت من تشتت وتشرذم نجوم مجرات سابقة اقتربت كثيرًا من المجرة الأم الأكبر منها مما سبب في تشتت نجومها.
وعلى عكس الطريقة السابقة لتقدير كتلة المجرة بقياس سرعة ومكان أجسام التتبع، استخدمت الطريقة الجديدة ما يعرف بـ "الزخم الزاوي" والذي يُقدِّم نتائج أكثر وثوقيّة كونه لا يتغير بمرور الوقت، ويعتمد تحديد "الزخم ا لزاوي" للأجسام الفضائية على قياس كل من المسافة والسرعة الخاصة بها.
ما هو الزخم الزاوي؟
تميل المجرات التابعة لمجرة درب التبانة إلى الدوران حولها بمسارات إهليليجية حيث تزداد سرعتها عند اقترابها من مجرتنا وتنخفض عندما تبتعد عنها، ونظرًا لأن "الزخم الزاوي" ينتج من خلال تفاعل المكان والسرعة فإنّ هذا يتسبب في أنّ قيمته لا تتغير سواءً كانت أجسام التتبع قريبة أو بعيدة أثناء دورانها.
تشرح باتيل هذه الفكرة بقولها: (تخيل شخص يقوم برقصة دورانية على الجليد، فإنّك ستلاحظ أنّ سرعته تزداد عندما يشبك بين ذراعيه، ولكن زخمه الزاوي يظل ثابتًا طيلة أدائه لرقصته)
قامت دراسة قدمتها العالمة باتيل بقياسات أُجريت لأول مرة للحركة الكاملة ثلاثية الأبعاد لتتسع لمجرات تابعة لمجرة درب التبانة من أصل خمسين مجرة تابعة لها وقارنت هذه الدراسة قياسات "الزخم الزاوي" مع محاكاة لما مجموعه 20000 مجرة مضيفة تشبه مجرتنا حيث استضافت هذه المجرات 90 ألف مجرة تابعة لها.
حدد فريق باتيل كتلة مجرة درب التبانة بأقل من 0.96 تريليون كتلة شمسية. بينما كانت التقديرات السابقة لكتلة مجرتنا بما يتراوح ما بين 700 مليون إلى 2 تريليون كتلة شمسية، وتُعزز هذه النتائج أيضًا التقديرات التي تُشير إلى أنّ مجرة أندروميدا (M31) أكثر ضخامة من مجرتنا درب التبانة.
ووفقًا للمؤلفة المشاركة جورتينا بيسلا، فإنّه يأمل أن يتم التأكد بشكل أفضل من كتلة مجرة درب التبانة عن طريق الأرصاد الجديدة والتي ستحدد سرعة المزيد من المجرات التابعة لمجرتنا، كما ستسمح عمليات المحاكاة الجديدة ذات الدقة العالية لأخذ إحصائيات أفضل لأجسام التتبع ذات الكتلة الأصغر والتي تُدعى بالمجرات الباهتة جدًا.
وتقول باتيل أيضًا: (تسمح طريقتنا بأخذ قياسات أفضل لسرعة عدّة مجرات تابعة وذلك في وقت واحد، مما يُقدم الجواب حول ما تتنبأ به نظرية المادة المظلمة الباردة عن كتلة هالة مجرة درب التبانة) وتضيف قائلة: (إنها مناسبة جدًا للاستفادة من نمو كل من بيانات الأرصاد الفلكية وقدراتنا الإحصائية).
إعداد: عامر سبيعي
مراجعة علمية وتدقيق: نصر جعفر عبّاره
تصميم:محمد بداد.
تعليقات
إرسال تعليق